الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

عيون حنظلة


* كُتبتْ بمناسبة مرور ستين عاما على النكبة

في مثل هذا اليوم قد حدث الحدثْ
في مثل هذا اليوم قد هوت السماء على الجثثْ
كفّنت أجسادهم بالغيم فاتحةً
في دفتر التاريخ عصرا كاملا للموت في كفّ العبثْ
وسار ما بين العبادِ . . . يريد من حفر البلادِ
عيون أمه حنظلة
أو شَعرَ أمّه . . . ثوبها أو مشطها أو أي شيءٍ لم يجد
لم يجد زمنا أمامه
أو مكانا للإقامة
كأنما الدنيا قيامة ، أو غيومٌ في غيومٍ في غمامة
لم يفهم المعنى تماماً … … …
فالمعَاجِمُ لا تعرّف حزن لؤلؤةٍ تباع
وليس فيها أي معنى لانتصارات الضباع
ولم يجد للغدر راية
في أوج عقدة قصة بدأت ولم يعلم بدايتها روائيّ الرواية
هم قليلٌ من درَوا أن الحكاية عقدةٌ أصلا
وما كل هذا غير إعلان البداية

قد خاف منكم حنظلة
من غاسق الجهل المروّع في عيون التائهين وفوق جدران البيوت
لكنه ما خاف موتا هبّ فيه
وكلّ من لا يخشى موته لا يموتْ
والتفّ مسكينا عظيما نحوها
بكلّ حكمة قائد طفلٍ جريحٍ فــــي ســــكوتْ
يا قائد الحجر الذي تبعته كل عروبة الكلمات واتخذت أساسه
وعروبة الكلمات بحرٌ رائعٌ
من تحته آبارُ نفطٍ ، كلما نجمٌ أضاء على المياهِ
يلوّث النفط انعكاسه
يا أيها الطفل المقدّس مرسَلا
حجرا وحرفا للقداسة .. والتعاسة
يامن على كتفيك يصعد للجنان شهيدنا
ولمنصبٍ صوتٌ سينبح في السياسة
لقوائم الغرباء في فقر المخيّم يستضيفُك ،،، كي يضيفَكْ

عندما تسقط من الشجر المبارك فوق عشبٍ يبّسته الشمس ظلما
أينما يمّمت وجهك في البلاد ترى خريفَكْ

أينما حملتك ريحك لاجئا سترى
وجوها لا تحبكْ …
وتحسّ أن عيون طفلٍ كلما نظرت إليك تريد دوما أن تخيفَكْ

وكلما جنّت سماءٌ واستثارت أرضها
في أوج ضوضاء الرعود أراك كم تصغي حفيفك

كنتَ ترجو أن تذوب ببطنها
تسمّد قلب سيدةٍ تلوّح في عجينتها لكي تصنع رغيفَكْ
ليس لي ذنبٌ سوى أني انتميتُ للوزةٍ … لا تحبّ سوى العلوّ
هناك أعنف ما تكون الريح تقطع عندما تشربْ نزيفَكْ
يادهرُ يا ذلّ العزيز إذا تناساه الأقارب
قاربي في البحر طاح فهنتُ من رجوِ القوارب
وموطني كالضوء لاح وراح كالضوء الموارِب
أنا هاربٌ من كلّ شيءٍ وكلّ شيءٍ إليّ هاربْ
أنا الخيار الأولويّ لكي يعيش الكلّ تـجـرِبـة الـحـيـاة
وكي أموت من التجارِبْ
لكي تسيطر قوّة عظمى أموت
وكي يعيش النفط في الدنيا أموت
أموت من إطلاقِ “دولارٍ” للحيته ومن حفّ الشوارب
أنا هاربٌ من كلّ جشعٍ يروم في دمعي المآرب
أموت ظمآنا لتشربني المياه
وموطني ماء المشارب
تكفكف الدنيا دموعك ،
إن أصابت عين قلبك بالجفاف مؤرَّقَــةْ
وتحرق الدنيا همومك حين تشعل في حياتك كلّ عامٍ محرقةْ
فالمحارق محرقةْ … لكلّ شيءٍ محرقةْ …
ماعاد في قلبي ثقةْ
إن شمسا في الصباح تضيء ظلمات الليالي لا تُسمّى مشرقَة
إن حيّا جاء يدعو للسلام وللحمام وللوعود المرهقةْ
حتّى وإن لمعت عيونه ، لا تصدقه جروحي
، فليمت لأصدّقه
ما عاد في قلبي ثقة
ضقتَ من كثر الصفاتِ ..
وضقتَ من وجع النعوت
وصرتَ تطلب كلّ يومٍ أن تموت وكل من لا يخشى موته
ــــلا يـمــوت
بل يسمّى حنظلة
لا جروح تخيفني ..
من قسوة الأيام قلبي صار يجرح مصقلة
أنا السماء ، البرقُ في عيني طموحٌ وصوت رعدي صلصلَ
أنا راسخٌ في الأرض كالشجر القديم ، ولا أخاف المقصلة
إن اسمي حنظلة
لا شـــيء فــي تيــه الـقوارب رائعٌ كالـبوصـلـة
أنا هو النّــجــم الـقـديـــر…
وبعض أهلي في عتابٍ :
لا تقل أهلوك قد غدرو بشعبك إنه عيبٌ كبير
ياناس إن العيب أكبر أن نكون عمالقا ويذلنا ولدٌ حقير
قولو : لقد بيعت بلادي في مناقصة الخيانة
لا تقولو إننا شعبٌ صغير
لو كان يعلم كلّ تجار المواشي أن شاةً سوف تفهم في التجارة
لم يبع أحدٌ حلـيـبـا
لو تعلم الأزهار أن رحيقها وطنٌ … لما ذبلت
لتطرد من جلالتها غريبا
أو تبكّي القافية .. كم بكت لكِ قافية
لعلها يوما ستعلم ما بها وأظنها ستون عاما كافية …
سيعود في غدٍ الربيعُ ، وتسير أي حكومة في موطن الأزهار رغما حافية
لا احتيال ولا احتلال ولا اقتتال ولا اعتلال يهدّ فينا العافية
لم يكن يشرب كثيرا بيد أن الماء قد أبقاه حيا من مياهٍ صافية
لم يكن يأكل كثيرا ، لم يكن شرها ليطفو فوق ماء الموت
آخر ما تبقى من حطام بلادنا ، ومن العقود الطافية
وظلّ حنظلة العلامة
يشاهد الوطن الغريق
ويكتب الشّعر الغريق
ويرسم الدمع انتقاما أو … سلاما

فارس سباعنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق