الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

آخرة الكون الآخر


مستمعا أصوات الصمت كأغنية من ألف شهاب
ويسافر في ضوء النهر الإسفلتيّ إلى المعنى
يحلف حتى يقنع نفسه أن عباب الكون سراب
مثل نهايته المجهولة نخلقها كي تجمعنا
بين الخوف وبين الرغبة يتحرر في الصدر عقاب
تتعلق كل الأفكار بخطافات الاستفهام على شجرٍ من وطن الحب
وتدق طبول الإيقاع
ترقص معه الريح كأنثى .. عاشقةٍ ساذجةٍ مثله
تعشق كل الرقص ولكن لا تعرف أسلوب الرقص
أترك نفسك للموسيقى
أبحرْ في عينيّ وحلّق في شعري وتمنّى صدري
قبلني مثل المجنون ولا تنتظر الطقس بتاتا
إصنع أنت جمال الطقس
هذا أجمل ما في الرقص
دع وحشا من وجعٍ فيك يطوقني ويعانقني ويحررني من وجع النقص
كن مثل زهور العباد تراقصني في طلب الشمس
يا ملك الحب المسكون بشيطان الخوف المسجون برغبة طفلٍ قَبِلَ اليأس

هذا العالم يرعبني ، خوفا خيّم فوق الظّل
تلمسني رعشات الكل
كيف تخاف من اللاشيء؟ كمن يمشي في ظلمة دربٍ يسمع فيه نباح كلاب
أخشى من أشرارٍ تسكن أوردة قلوب الأصحاب
أخشى من تاريخٍ يرمي ذاكرتي خلف الأبواب
أخشى من جهلٍ طربيّْ
يصنع “نيكوس” أغنية “البنت الشلبية ” بالتوزيعات الغربية
يرميه البعض بأقوالٍ يحتل الفكر العربيّ
هذا استعمارُ فكريّ والتفكير هو التكفير
باسم الله الحيّ كفاكم
من أعطاكم هذا الحقَّ لكي تنتحل اللهَ لحاكم وتبيعونه كلّ صباح
الله وسبحانك ربي ما أجمل وجهك في الليل
الله نشيدُ أسمعه مجتمعا في زهرة فلْ
.. سامحني يا رب الكلْ
أسمعه في صوت البلبل أو في طيران البلبل
أقرؤه في حب الناس وفي نجمة صبحٍ تذبل

الله وقد جلّ جلالك حين تأمّلتُ الشجرة
ونسيمُ ثلجيّ يلمس خدّي مخمور البشرة
الله وفي روحي أنت إذا صدقُ فيّ انتشرَ
الله وأنت الموسيقى منبعثا من صوت الصمت
الله وأنت الأشعار إذا خرجت من رحمِ الموتْ
الله وأنت العينان إذا ضحكت في وجه حبيبي
بقرنفل شفتيه حبيبي
والورد الفضيّ ضياؤه تتألق في خدّ حبيبي
والشّعر الخروب يذوب يجوب الليل ويفضح روحي
لأعانق لغتي العربية في كونٍ آخر بوضوحِ

فلا أشياء تعانقها ويذيبك حبّ الأشياء
تتمنى ضمّ الإسفلت بأضواءٍ تلمع في الماء
وعناق عمودٍ في الشارع شاركك غناءَ الأصداء
لكن جنونك محتومُ في الكلمات تصادقها
تتمنى عاشقةً مثلك لتعانقها حيث تشاء
وأين تشاء تفارقها
أنت كما الأصداف وحيدٌ .. لا أشياء تعانقها
وأراني مثلك أحيانا بل مثلك كلّ الأحيان
يا عاشق نسمتك الحبلى تحت الكينا في نيسان
لتقابل أوراق الزعتر وتشمّ رحيق النسيان
أنت كما الشنّار تخبئ أولادك أشعارا تحت الأشجار
لتمضي مقهورا .. تسبح في فلك الحرمان
أنت بعيدٌ … أنت بعيد
وجميلٌ جدا ووحيد .. أنت وحيدٌ كالإنسان
مذ دخل المعجمُ مملكةً واتّسخ بحكم السلطان
مذ خبّأت القلعة نورا يسري بضباب الأكوان
مذ صار الموطنُ تعريفا محدودا خلف القضبان
وقرارا لتقسّم أرضك وتقسّم روحك في آن
قالوا : موطنك الممتدّ تباعا من أرضِ جنين القسّامِ إلى أرض خليل الرحمن
وعلينا أن نحرس أمنك في مستوطنةٍ تحميك
لكي يجتاح الاستيطان
طبعا والفقراء رعاعٌ ومغولٌ وتتارٌ قتلةْ
لابد من السّور العازل كي يعزل حبّ الأوطان
… أنتم شعبٌ لا يصلح أن يشهد أُفقًا
… الأفقُ بأعينكم شِعرٌ يتحرر من كونه ورقًا
… ويصير سلاحا فتاكا أو قلب شهيدٍ أو نفقا
… لابدّ ستبقى منغلقا
موطنكم في ذاك الحزب وذاك التنظيم أو الحركة
موطنكم في لحية شيخٍ يمطر من أموال البركة
فقلتُ صحيحٌ : أيّ شيوخ العمّة أتبع ..؟؟
هم أكثر من وجع القلبِ طبولا تشتدُّ لكي تُقرَعْ
تعالوا : كي أخبركم شيئا عن وطني يا عالمُ فاسمع
وطني قلبٌ لا أكثر
وطني كلماتٌ أخرى

هو أول كونٍ أخضر
وطني أمكنةٌ تتزوّج فيها الأطيار بلا خوفٍ
وتصير طيورا أخرى

هو مشهدُ حقل الزعتر
وطني حريّة أسرى

وطني من أوّل منظر
يسكن في أجمل ذكرى

وطني يا ليلا أقمرْ
فامتلأت روحي شِعراً

وطني يا دمع المهجر
يا نسمة عشقٍ َسكرى

وطني يا صمتاً أكبر
أن تعزفه أوركسترا

هو طفلٌ مات ليكبر
وملوكٌ عاشت صغرى

وطني حرٌّ يتحرر
والحريّة في الفكرة

وطـني قـلـبٌ لا أكـثر .. وطـني كـلـمـاتٌ أخـرى
وطــني كــلماتٌ أخــرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق